نرمين الحوطي
العلم كان عملة نادرة في السابق، أما الآن فأصبح والحمد لله في متناول الجميع، لكن أصبح ينقصنا ما هو أهم من العلم وهو الأدب والاحترام اللذان كانا يميزان مجتمعنا في السابق، على الرغم من قلة العلم والشهادات العلمية والتعليمية قديما، ومن السهل أن تعلو وتنال أعلى المناصب العلمية والقيادية ولكن إذا افتقدت صفة الأدب والاحترام فلن تقدر أن تصبح شيئا، من الممكن أن تشتري العلم ولكن الأدب لا يشترى ولكنه يكتسب من خلال التربية والمجتمع، إن الأدب كالصحة نعمة من الله عز وجل ينعم بها على البشر، من الممكن ان نشتري الدواء ولكن تبقى طول عمرك عليلا، وهذا ما أصاب مجتمعنا الآن، يوجد الدواء ولكن اصبحنا مرضى وعلتنا هي لغة الحوار التي ادت بنا الى الانحدار، أصبح الصراخ هو لغة الحوار الذي يجمعنا في اي بقعة من مجتمعنا، بل وأصبحنا نفتقد الهدوء، معتقدين أن القوة تأتي ممن يرفع صوته أكثر، وهنا أقول لهم هذا خطأ، لأنكم للأسف اصبحتم لا تسمعون إلا أنفسكم، كما أن من تتحدثون معهم يسمعونكم، فبرغم من كل النعم التي أصبحت في متناول أيدينا إلا أننا لا نشعر بها، أصبحنا مجتمعا تسوده جملة واحدة فقط «أنا ومن بعدي الطوفان»، هل فرعون أتى مرة أخرى إلى دنيانا، لا أعتقد لأن زمن المعجزات قد انتهى، اعتقد أن لعنة فرعون هي التي حلت بنا، ولكن لتتذكروا كيف كانت نهاية فرعون لعناده وعدم احترامه للآخرين.
أصبحنا نعيش في زمن كما لو أننا نسكن في مدينة الأشباح بل اصبحنا نحن الاشباح للمجتمعات الأخرى، هل هذه هي حرية الرأي؟ هل هذه هي الديموقراطية التي نادى بها الدستور يا من تنادون بالدستور؟
إن ما نسمعه وما نراه الآن لا يمت بأي صلة للحرية ولا للديموقراطية، وخير مثال على ذلك البرامج التي تبث في هذه الآونة الاخيرة التي يطلق عليها أهل الإعلام برامج سياسية، أي سياسية هذه، هل السياسة بعلو الصوت ورمي الآخرين ببعض المفردات التي لا تليق بمراكز من يطلقون هذه المفردات؟ هل الحرية هي القيام بالشتم والسب لبعض الرموز التي من المفترض أن تكون لنا قدوة أي حرية وأي تربية هذه؟
أصبح يوجد سباق بين الكل في الهدم لمجتمعنا، في الأمس كانت التربية واليوم الإعلام، ولا نعلم ماذا سيكون غدا؟ في الامس القريب توفيت فتاة لا ذنب لها إلا أنها للأسف أحبت أن تتعلم وكانت ضريبة تعليمها هي (الموت)، خلصنا من التحرش الجنسي والصيحة الجديدة هي القتل، أين أنتم يا من أزعجتمونا بصراخكم من هذه الفتاة؟ أين أنتم يا من تعدون همزة الوصل فيما بيننا وبين السلطة فيما يحدث في تربية أطفالنا؟ أين أنتم يا من وكلناكم علينا لتكونوا اصوات الحق امام أي ظلم؟ بالأمس كان العلم للمقتدرين وميسوري الحال فقط، وبرغم هذا كان معلمونا يزرعون فينا ما هو الأهم، الحب.. الوطن.. الكرامة، أما اليوم فتلاشت هذه الكلمات وبدلت إلى الكره والتخلف والحقد والحسد والأحزاب، كلمات مخيفة أصبحت تزرع في اطفالنا ويأتي الإعلام بكل وسائله لتثبيت هذه الكلمات من خلال برامجه السياسية التي بثت علينا في الآونة الاخيرة، ولكن كل ما نقدر أن نقوله الله يستر في بكرة، وسلامتكم.